محليات

 

 

إذاعة الـ«بي بي سي – لندن» الهندية، بقلم الكاتب الصحفي «راما دات ترباثي»:

العاملون الأساسيّون الخمسة على هدم المسجد البابري في مدينة «أجودهيا» الهندية

يوم 6/ديسمبر 1992م = (الأحد: 10/جمادى الثانية 1413هـ)

[معرب من الأردية]

 

 

 

 

 

هدمُ المسجد البابري من أهمّ الأحداث الحاصلة فيما بعد استقلال الهند، الّتي هزّتْ اللُّحْمة والسُّدىٰ السياستين والاجتماعتين في البلاد. وَقد مضىٰ على الحادث عشرون عاماً؛ لكنّه لايزالُ يُسْمَعُ صَدَاه في سياسة البلاد. وبالمناسبة نوَدّ أن نتحدّث عن دورِ أولٰئك الأفراد الخمسة الّذين تعود عليهم أساساً مسؤوليّةُ القيام بهذا الحادث:

     لالاكرشنا إيدفاني: حسب لائحة الإدانة الأساسية لـ«ال سي بي آئي» كان زعيمُ حزب «ب ج ب» «لالا كرشنا إيدفاني»: الدّاعي الأوّل الأساسي إلى نسج مؤامرة هدم المسجد البابري المتنازعِ عليه، الّتِي تَمَّ نسْجُها في شهر أوكتوبر 1990م وتمّ تنفيذُها في ديسمبر 1992م. ويقول الادّعاء العامّ الهِنديُّ: إن قضيّةَ المسجِدِ البابري ومسقطِ رأسِ رامَا قديمةٌ تتّصل مُنْذُ وقت غير قليل، وهِيَ مطروحة للدّراسة في المحكمة، وحسب ما يعتقد الهندوسُ إنّ «ميرباقي» كانَ قد أَنشأ المسجد البابري مكان مسقط رأس «راما». وكانت منظمة «ويشوا هندو بريشاد» قامتْ بحملة تحرير كلّ من معابد «أجودهيا» و«كاشي» و«مثورا»، و انطلاقاً مِنْ ذلِكَ قام «لالا كرشنا إيدفاني» بزيارة هندوسيةٍ مقدسةٍ باسم «راث ياترا» في ما بين معبدِ «ثومناث» و«أجودهيا» وقدْ رَحَّب به خلالَ هذه الزيارة الدينية المقدسةِ قائدُ «شيف سينا» «بالا ثاكرِى» في قطاع «دادر» مِنْ مدينة «مومبائي»، وفي اليوم نفسه أعلن «لالا كرشنا إيدفاني» في مدينة «بنجوتي» أنّ المسجد البابري لمْ يكن مسجدًا في أيّ فترةٍ من الزمن وأنَّ المنظمات الهندوسية مُعَاهِدةٌ على إنشاءِ معبدِ «راما» في «أجودهيا» وعندها عاهد «بالا ثاكرى» على الوقوف بجانبه في هذِهِ العملية المقدّسة. وحسب لائحة الإدانة المذكورة إنّ كبير وُزراءِ «أترا براديش» «كَالْيان سينغ» بَعْدَ قيام حكومة «ب ج ب»عام 1991م سَاهم في هذِه الخطة بفعالية، ففي 5/ديسمبر 1992م عُقِدَ اجتماعٌ سِرّيّ في هذا الشأن في بيت زعيم «ب ج ب» «ويني كتيار» اتخذتْ فيه خطة نهائية للقيام بهدم المبنىٰ المتنازع عليه في «أجودهيا» - «المسجد البابري» - وكان «إيدفاني» أعلن صارخاً يوم 4/ديسمبر 1992م أنّ اليوم هو اليوم الأخيرُ للقيام بالعملية التطوعيّة التي سيقوم بها المتطوعونَ الهندوس لآخر مرّة.

     وعندما علم بأن القوات المركزيّة تزحف من «فيض آباد» إلى «أجودهيا» أشارَ على الشعب الهندوسي الحاشد في «أجودهيا» بالوقوف في الشارع الوطني لعرقلتها دون الوصول إلى «أجودهيا». وقد قال الادعام العام: إنَّ «إيدفاني» هاتف «كليانا سينغ»، وقال له: أنْ لا تستقيلنَّ حتى يتم هدْمُ المبنى المتنازع عليه. وقد صاح «إيدفاني» مِنْ رصيف «كتها كنج»:المتطوعون الذين جاءوا ليضحوا بأنفسهم ينبغي أن يُسمح لهم بالتضحية بأنفسهم. وقد أدين «إيدفاني» بأنّه قال أيضاً: إنّنا مُعَاهِدُون على إنشاء المعبد، فلن نبرح حتَّى نُنْشئه، وإننا مُعَاهِدُون على انشاء دولة هندوسية. وقد سُجِّل أن الإدارة المحلية لمْ تبذلْ محاولةً للمنع عَن هدم المبنى المنتنازع عليه. ولذلك قال الادعاء العامّ: إن مدير المديرية أنذاك «آر إين شريواستو» ورئيس الشرطة «دى بي راي» كانا مساهمين في هذه المؤامرة، أمّا «دى بي راي» فقد مات الآن؛ لكِنَّ «إيدفاني» لاَيُحَاكَم الآن في المحكمة بشأن المساهمة في مؤامرة هدم المسجد البابري. بل إنما يُحَاكَم ومعه سبعة آخرون من المتّهمين في محكمة «رائي بريلي» بشأن إثارة العداء ضدّ المسلمين من خلال خطابه وكذلك تحريض المتطوعين على هدم المسجدِ، الأمر الذي أدىٰ إلى هدمه. ومن جانبه رفض «إيدفاني» وأصحابه جميعَ الاتهاماتِ ضدّهمْ في المحكمة.

     كليانا سينغ: هو من بين المُتَّهِمين الثلاثة عشر الذين وُجِّهَتْ إليهم تهمةُ المساهمة المباشرة في التخطيط لهدم المسجد، في لائحة الاتهامات الأساسيّة؛ ولكن المحاكمة لم تُجْرَ فعلاً لأسباب تكتيكية. تقول لائحة الاتهام التي أعدتها الـ«سي بي آئي»: إن «كليانا سينغ» بعد تولّيه مهمام كبير وزراء «أترا براديش» عام 1991م، كان قد قصد مدينة «أجودهيا» بصحبة «مورلي منوهار جوشي» وغيره من القادة الهندوس وحلف معهم بأنه سيباشر إنشاء معبد مسقط رأس «راما» على المكان المتنازع عليه الذي كان يقوم فيه المسجد البابري. وكان عندها قد هتف: «راما لَلاَّ! سنأتي هذا المكان وسنبني المعبد ههنا».

     وكانت الحكومة المركزية في دهلي وَجَّهت 195 مجموعة من القوات المركزيّة للإعانة على الحفاظ على القانون؛ ولكن حكومة حزب «ب ج ب» الهندوسي القائمة في «أترابراديش» بقيادة «كليانا سينغ» لم تستخدمها، على حين إن وكيل الداخلية العام في حكومته أشار عليه باستخدامها يوم 5/ديسمبر 1992م، أي قبل هدم المسجد البابري بيوم؛ ولكنه لم يتفق معه في هذا الشأن، ولم يطبق عمليًّا العهدَ الذي قطعه أمام المحكمة العليا بشأن الحفاظ على المسجد والحيلولة دون المساس به، رغم حلفه بمراعاة دستور البلاد. ورغمَ أن «كليانا سينغ» لم يكن حاضرًا في «أجودهيا» لدى هدم المسجد؛ ولكنه عُدَّ متهماً به من خلال سلوكه العام الذي تبدّى من مواقفه. إن لائحة الاتهام الأساسيّة اتهمته بأنه اعترف واضحاً بعد 6/ديسمبر بأنه نهى قوات الأمن عن إطلاق الرصاص على المتطوعين الهندوس الذين باشروا هدم المسجد؛ ولذلك لايجوز أن يُعْتَبر أي مسؤول في الإدارة مذنباً؛ ولكن «كليانا سينغ» رفض الاتهامات كلّها.

     «أشوكا سنغال»: إنه أبرز أعضاء حركة إقامة معبد مسقط رأس «راما» في مدينة «أجودهيا» مكان المسجد البابري، وهو زعيم بارز في منظمة «وشوا هندو بريشاد». قالت لائحة الاتهام الأساسيّة: إنه لقي «بالاثاكري» مؤسس منظمة «شيف سينا» الهندوسيّة بمدينة «مومباي» .. لقيه في 20/نوفمبر 1992م ودعاه للمساهمة في الخدمة التطوعيّة المقدسة لهدم المسجد البابري، فأصدر «بالاثاكري» الأمر إلى رجال «شيف سينا» يوم 4/ديسمبر 1992م للتوجه إلى مدينة «أجودهيا». ومن جانبه طلب زعيم «شيف سينا» «جي بهانا سينغ فويا» من «أشوكا سنغال» بنشر الكتيبة الهندوسيّة المدربة في وادي «تشمبال» في مدينة «أجودهيا» وصَرَّح «أشوكا سنغال» عندها بأنه سيأمرالمتطوعين الهندوس بإزالة اللوحة التي تشير إلى كون المسجد مبنيًّا بيد «مير باقي» المسلم عن المسجد يوم 6/ديسمبر 1992م لأنها العلامة الوحيدة لكونه مسجدًا. وكان قد صَرَّحَ يوم 5/ديسمبر أنه سيزيل جميع العوائق دون إنشاء معبد مسقط رأس «راما»؛ وأن الخدمات التطوعية الحاليّة ليست لأداء طقس ديني هندوسي، وإنما هي للبدء في بناء المعبد. واتُّهِم «أشوكا سانغال» بأن أعلن مع المتهمين الآخرين من رصيف «كتها كنج» وهتف صارخاً: «راما للا! ها نحن أولاء قد أتينا، وها نحن نبدأ في بناء المعبد» «أيها المتطوعون! قوموا بتوجيه صدمة أخرى للمبنى القائم، واهدموا المسجد». وكان المتهمون فرحين طربين لدى هدم المسجد، يتقاسمون الحلاوي من على المنصة التي كانوا قد أقاموها للإشراف على عمليه هدم المسجد الإجرامية. ومن أجل السخط العارم الذي أثاره المتَّهمون في الجموع الهندوسية الحاشدة في أجودهيا، لم يقتصر الأمر على هدم المسجد، وإنما هدمت وأحرقت منازل المسلمين في مدينة «أجودهيا» وهدمت المقابر والمساجد الأخرى في المدينة، مما رَوَّع المسلمين في المدينة فهربوا لاحئين منها إلى أمكنة أخرى. المحاكمة الجارية في محكمة «رائي باريلي» برقم 198 تَتَّهِم كلّاً من الناسكة السيدة «أوما بهارتي» والناسكة السيدة «رثمبرا» وغيرهما من المتَّهَمين بهذه التهم كلها وغيرها، ولكنهم جميعاً رفضوا الاتهامات كلّها.

     «وني كتيار»: ظل الرجل يعرف بصفته زعيماً لمنظمة «بجرانك دال» المنبثقة من «وشوا هندو بريشاد» وظل معروفاً بتصريحاته وخطاباته الحارة الحريفة الناريّة وحسب لائحة الانتهام الأساسيّة قال الرجل يوم 14/نوفمبر في مدينة «أجودهيا»: إن مجموعة «بجرانك دال» الانتحارية مستعدة للقيام بالخدمة التطوعيّة لهدم المسجد وبناء المعبد، وإن «كتيبة الموت» ستعمل بحكمة «شيواجي» يوم 6/ديسمبر 1992م، وفي بيت الرجل في أجودهيا عقد اجتماع سريّ قبل هدم المسجد بيوم وهو يوم 5/ديسمبر، حضره إلى جانب «إيدفاني» زعيم «شيف سينا» «بون باندي» وفي الاجتماع أعدت خطة نهائية لهدم المسجد. وقالت لائحة الاتهام: إن «وني كتيار» كان قد صَرَّح يوم 6/ديسمبر بأن همة رجالنا البجرنكيين تجاوزت العاصفة البحريّة، فهم لايهدمون هذا المسجد البابري بل جميع المساجد البابريّة.

     «مورلي منوهار جوشي»: يعتبر الرجل الثاني بعد «إيدفاني» في زعماء حزب «ب ج ب» الهندوسيّ، وظل سبّاقًا إل المساهمة في تصعيد حركة معبد مسقط رأس «راما». وكان موجودًا لدى المبنى المتنازع عليه المسجد البابري لدى هدمه يوم 6/ديسمبر 1992م. قالت لائحة الاتهام الأساسيّة: إن الناسكة السيدة «أوما بهارتي» كانت تعانق كلاً من «إيدفاني» و«مورلي منوهار جوشي» عندما هدم المتطوعون الهندوس قباب المسجد البابري. وقال الادّعاء: إن «إيدفاني» و«جوشي» وصلا إل أجودهيا تنفيذًا لحملة «الخدمة التطوعة» مارَّين بـ«كاشي» و«مثورا» ودهلي، واتُّهِما وغيرهما أنهم ألقوا خطابات ناريّة في أنحاء البلاد وسَمُّموا جوّ الشارع العام بالطائفية التي ألحقت أضرارًا بعيدة المدى بعلمانية البلاد. (ص5 من صحيفة «هندوستان إكسبريس» الأردية اليومية الصادرة بدهلي، العدد 335، السنة7).

*  *  *

مجلة الداعي الشهرية الصادرة عن دار العلوم  ديوبند ، ربيع الأول 1434 هـ = يناير ، فبراير 2013م ، العدد : 3 ، السنة : 37